Translate

الأحد، 17 نوفمبر 2013

الجالسة في القطار

الجالسة في القطار
جلست مطرقة ف صمت ...زمت شفتيها .. طلاء الشفاه فاقع اللون جعل شفتيها تبدو اكبر من حقيقتها.
جميع عضلات جسدها تئن من فرط التعب.  غطست ف الكرسي الضيق في عربة المترو الرمادية اتقاء للتلامس مع جارها مفتول العضلات الذي يحتل كرسيه ونصف كرسيها في تبجح.
سرحت في أضواء المصابيح الكاشفة التي تطل من السقوف كما لو كانت شموسا غبية لا تعرف موعد الشروق فجاءت الي سقف عربة مترو بالخطأ.
تبحث داخل بحر ذاكرتها السرمدي عن حبل سري يربطها بعالم الأضواء الاصطناعية وألوان اللوحات الإعلانية الذي يخنق بقسوة روحها الضائعة .
لا تعي تفاصيل الهمهمات المبهمة التي تخرج من أفواه الكتل البشرية الخانقة حولها.
محور تركيزها في صوت البوم الذي ينعق من آن لآخر يعلن نهاية فصل من عذاب رحلتها الأبدية في هذه العربة الصفيح وبداية فصل آخر.
تعرف المحطة التي عليها أن تنزل فيها ما برحت صديقتها توصيها بالاسم العجيب الذي فشلت في مقاربته باي شئ تعرفه تكرر في نفسها مرارا "كلاب هام جانكشن .. كلاب هام جانكشن"
يا الله  ألم يجدوا اسما أفضل من هذا.
لم يكن عليها في قريتها المختبئة وراء الزمن سوي أن تقفز في مؤخرة العربة الصغيرة المكشوفة تحشر نفسها بين رفيقاتها وتثرثر معهن بصوت يكسر خجل الشمس الوردية.
تظل العربة تفجعهن بحركة قافزة علي الطريق الترابي المطعم بأحجار عنيدة. يضحكن معا مرة ويصرخن في صبر الألم مرات.
كانت تنظر في نهاية كل رحلة ..الجائزة. يد سائق العربة الخشنة الممدودة إليهن إشارة النزول.
تنتهك صاحبة الصوت المشنوق في سقف عربة المترو أذنيها بعنف "ذيس اذ كلاب هام جنكشن" 

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

ليلي والذئاب


ليلي والذئاب ..
لعنة الختان تلاحق الفتيات في الغرب

لم يفهم المارة في أحد مراكز التسوق المزدحمة في لندن لماذا انهارت "ليلى حسين" الشابة الصومالية الجميلة باكية والحسرة تعتصر قلبها. وقفت وفي يديها بعض الاوراق التي تثبت أن ما تركته وراءها في بلادها من إرث ثقيل يلاحقها مثل الكابوس في هذه البلاد البعيدة.
وقفت "ليلى" في هذا الصباح أمام المرآة وارتدت ثوبا فضفاضا بالوان تضاهي ألوان الشمس واعتمرت على رأسها شالا إفريقيا أنيقا. بحثت في داخلها على حفنة من الشجاعة كي تواجه الحقيقة كما هي دون أي رتوش. لكن التجربة اثبتت لها أن الحقيقة ابشع بكثير مما تصورت ومما تحتمل.
جاءت "ليلى" في الصباح إلي أحد مراكز التسوق وفي يديها أوراق إلتماس زائف تطالب المارة بالتوقيع عليه تأييدا لختان الاناث في بريطانيا باعتبار أنه جزء من الثقافة والتقاليد الصومالية والاسلامية. لم تغرق كثيرا في التفاصيل لكنها كررت علي مسامعهم كلمة "بتر" لتؤكد علي حقيقة ما تنطوي عليه هذه العملية. جاوبها المارة بالقول "نعم.. نعم".
في خلال نصف ساعة فقط تمكنت "ليلى" من الحصول على تسعة عشر توقيعا علي إلتماس يؤيد عملية ختان الإناث باعتبارها جزءا من الثقافة الصومالية الاسلامية. شخص واحد فقط رفض التوقيع وعدد بسيط من الموقعين كتبوا تعليقا بجوار التوقيع قالوا فيه إنهم يدركون أن هذه العملية خطأ لكنهم يؤيدونها طالما أنها جزء من الثقافة الاصلية التي تنتمي اليها "ليلى".
انهارت "ليلى" لم تستطع اكمال هذه التجربة الغريبة. كيف يمكن لأي شخص أن يؤيد "بتر" جزء حساس من جسد طفلة لمجرد مزاعم بأنه جزء من الثقافة الاصلية لعرق أو دين ما ؟ عايشت ليلى البالغة من العمر اثنين وثلاثين عاما بنفسها عندما كانت طفلة تجربة التعرض للانتهاك الجسدي وتروي في وثائقي للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني كيف أن أربع نساء قمن بأجراء عملية الختان لها عندما كانت في السابعة .. "كنت واعية تماماً لما يحدث" تروي ليلى في ألم " كنت أشعر بكل قطع وحشي انتهك جسدي ظللت أصرخ من فرط الألم حتى اسودت الدنيا في عيناي وفقدت وعيي". أسست "ليلى" قبل أعوام جمعية "بنات حواء" في محاولة منها للتعريف بمخاطر هذه العادة المدمرة لحياة الفتيات لكنها تشعر أن جهودها في ملاحقة المسؤولين عن تلك الممارسة في بريطانيا غير مجدية.
وعلي الرغم من أن القانون البريطاني جرّم ختان الإناث منذ عام الف وتسعمائة وخمسة وثمانين مازالت الأرقام والإحصائيات تؤكد أن مثل هذه العمليات تجري في بريطانيا. وتشير الإحصائيات من المستشفيات والمراكز الطبية إلي أن حوالي ستة وستين ألف امرأة في بريطانيا أُجريت لهن عملية الختان ومعظم الضحايا ينتمين للأسر المهاجرة من الصومال ومصر والسنغال والسودان. وتتكشف معظم هذه الحالات لدي معاودة المراكز الطبية من مضاعفات الختان مثل بلل الفراش ومشكلات الدورة الشهرية والولادات المتعسرة ناهيك عن المشكلات الجنسية التي غالبا ما تحجم النساء من هذه العرقيات عن ذكرها.
خلال سنوات طويلة من العمل في برامج المرأة روي لي عدد من أطباء أمراض النساء والتوليد العرب الذين يعيشون ويعملون في بريطانيا كيف يواجهون حالات نساء اجريت لهن عملية الختان تسبب لهم صدمة في غرف التوليد أو لدي الكشف عليهن أثناء الحمل والولادة وكيف أن الجهاز التناسلي الخارجي بأكمله يكون مبتورا في حالات ما يسمي بالختان الفرعوني الرائج لدي الأسر الصومالية والسودانية. لكن تظل هذه الحالات مسكوتا عنها. فلا يوجد ما يلزم الأطباء والقابلات العاملين في بريطانيا بالابلاغ عن هذه الحالات.

ولا يقتصر الأمر على النساء اللاواتي جئن كمهاجرات إلى بريطانيا وأجريت لهن عملية الختان في بلدانهن الأصلية لكن الأمر أصبح يتهدد الجيل الثاني من الفتيات والبنات اللاواتي يولدن في أسر مصرية أو سودانية أو صومالية. ويقدر تقرير رسمي قام باعداده مجموعة من أخصائي الصحة في انجلترا وويلز من أن نحو اربعة وعشرين الف فتاة وطفلة يعشن في بريطانيا قد تجري لهن عملية ختان سواء داخل بريطانيا أو في بلدانهن الأصلية التي ينتمي إليها أسرهن. حيث لا توجد هيئة رقابية حكومية لملاحقة من يروجون لهذه الممارسة.
وتقول "جانيت فايل" الاستشارية لدى الكلية الملكية البريطانية للقابلات إنه لا توجد هيئة حكومية تلاحق مرتكبي هذه الجريمة. وتطالب "جانيت فايل" باعتبار الختان نوع من الإساءة "الاجرامية" للبنات يعاقب المسؤولون عنها بمقتضي القانون كما تطالب المستشارة "فايل" التي تعرض هذا الأسبوع التقرير الخاص بختان الأناث في بريطانيا أمام البرلمان البريطاني بإلزام العاملين في القطاع الصحي بالإبلاغ عن أي حالة أي فتاة تجري لها عملية ختان أو حتى الفتيات اللاواتي قد يكن عرضة لمثل هذه العملية. والذهاب الي ابعد من ذلك وانتهاج سياسة توعية بمخاطر الختان الصحية وآثارها النفسية والجسدية على البنات كتلك الحملة لمواجهة مرض الإيدز.
لكن الطريق ليس ممهدا أو سهلا.  وأكبر عقبة أمام وقف هذه الممارسة في بلد يدعي أنه صاحب أعرق الديمقراطيات فى العالم يكمن في الديقمراطية نفسها التي تخشي ما يسمي ب "الحساسية العرقية والدينية". فبريطانيا التي تضم اليوم مهاجرين من كل الأعراق والتي أصبح الدين الإسلامي فيها قبل عامين الديانة الثانية بعد المسيحية حيث يقارب عدد المسلمين ثلاثة ملايين نسمة - تخشى ما قد ينظر اليه علي أنه تدخل من الدولة في شأن عرقي أو إسلامي.
وإلي أن يدرك القائمون علي هذه السياسات أن ختان الإناث ليس من الأسلام في شيء وأنه جريمة لا تغتفر تحت أي مسمي عرقي أو ثقافي ستبقي الذئاب تلاحق ليلى.

  

الأحد، 3 نوفمبر 2013

أنا "مالالا يوسف"


لا يخيب الغرب أبدا سوء ظني فيه عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع قضايانا .. أقصد قضايا العالم العربي والأسلامي. فهو أما مغيب عنها أو يتعامل معها بمنطق المصلحة المباشرة وحينما يهتم بها يكون ذلك تعاملا سطحيا يكاد يرقي الي درجة " العبط". وأحيانا بل كثيرا ما أشك في أنه يتعمد التعامل بهذا الشكل إما استسهالا أو لنقص في الادراك والفهم أو الاثنين معا. 
لا يغرق كثير من المعلقين الغربيين أنفسهم في تفاصيل المشهد العربي والاسلامي مهما كانت حيوية ومهمة. وغالبا من يكون انتقائيا في التفاصيل التي يتعامل معها مكتفيا بالتفاصيل التي تريحه وتريح ضميره أو تظهره بمظهر إنساني يتواءم مع ما يدعي أنها مبادئ يؤمن بها حتي لم كان ذلك على حساب القضية الاصلية. 
ولا أجد هنا للتدليل على "سوء ظني" بالغرب أكثر من قضية الفتاة الباكستانية "مالالا يوسف ضيا" التي نجت من محاولة اغتيال علي يد حركة طالبان باكستان. وكان مسلحون ينتمون الي طالبان قد أطلقوا الرصاص العام الماضي علي "مالالا" البالغة الأن من العمر ستة عشر عاما وهي في طريقها الي المدرسة في وادي سوات في مشهد درامي بالغ التأثير . الكثيرون يعلمون القصة وقرأوا عنها وتابع الملايين علي شاشات التلفزيون في العالم بأسره بقلوب لاهثة عملية نقل "مالالا" من باكستان الي لندن لتلقي العلاج في أكبر المستشفيات البريطانية وكتب عشرات الكتاب والمعلقين عن شجاعة الفتاة التي وقفت في وجه حركة طالبان وكادت أن تدفع حياتها ثمنا لدفاعها عن حق الفتيات والنساء في التعليم وهو الأمر الذي تنكره وتبغضه حركة طالبان الأفغانية. 
بعد أن تلقت "مالالا" الكثير من المديح والاهتمام الذي هي أهل له وبعد أن تماثلت للشفاء في مستشفي الملكة اليزالبث في مقاطعة برمنجهام منحت هي وأسرتها بيتا وملجأ في بريطانيا وفرصة لتكمل تعليمها. 
يبدو كل هذا عاديا ومستحقا لفتاة أثبتت شجاعة نادرة في قضية حيوية هي قضية تعليم البنات. لكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد فاصبحت "مالالا" ضيفة علي عشرات البرامج والتوك شو وخطيبة أمام الامم المتحدة في عيد ميلادها ومتحدثة في جمع من ألف شخص تتقدمهم الملكة اليزابيث في جامعة أدنبرة حيث تم منحها درجة الماجيستر الفخرية ومنحت جائزة من معهد كارنيجي الامريكي ووضعتها مجلة تايم الامريكية في قائمة أكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم واستقبلها الرئيس الامريكي باراك أوباما وزوجته ميشيل في البيت الابيض كما تم ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام. 
وأخيرا ظهر في المكتبات البريطانية نسخة من سيرتها الذاتية.. نعم سيرة ذاتية تحمل أسم " أنا مالالا يوسف ضيا" واعذروني هنا اتوقف قليلا كي اتسأل كيف يمكن أن يكون لفتاة في السادسة عشرة من عمرها سيرة ذاتية ؟ ما هو الانجاز الذي تمكنت من تحقيقه خلال ست عشرة سنة قضت نصفهم رضيعة وفي الحضانة وفي سنوات المدرسة الاولي ؟ 
غضب الكثيرون من عدم منح جائزة نوبل للسلام واعتبروا أن الجائزة مسيسة لأنها لم تمنح لمالالا .. وهي كذلك بالفعل. لكن ليس لانها لم تمنح لمالالا ولكن لانها منحت لمنظمة الاسلحة الكيميائية قبل أن تقوم بأي انجاز اساسا. افهم أن تمنح مثل هذه الجوائز لشخص مثل نيسلون مانديلا قضي عمره يدافع عن الحريات في بلده وقد افهم أن يكتب أوباما سيرته الذاتية لانه أول رئيس من أصول أفريقية يرأس الولايات المتحدة ولكن ما الذي فعلته مالالا في ستة عشر عاما ليتم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام؟ ما هو الانجاز الذي يمكن لمراهقة في سني عمرها أن تحققه؟ 
أرجوكم توقفوا قليلا قبل أن تتهمونني بأني أقلل من قيمة هذه الفتاة التي تتحلي بشجاعة نادرة. علي العكس أنا أجلها واحترمها واعتقد أنها مثال رائع للفتيات والنساء والدفاع عن حق أصيل هو الحق في التعليم الذي قضيت أنا شخصيا نصف حياتي المهنية في الدفاع عنه. ولكنني أتوقف أمام الغرب الذي يلتقط نماذج معينة لوضعها في مصاف النجوم ويغرق في الحفاوة بها دون النظر أو الاكتراث بالصورة الكاملة. 
فلماذا لم يتحدث أحد عن رفيقات مالالا اللواتي يتعرضن كل يوم للقمع علي يد المتشددين في حركة طالبان وغيرها؟ لماذا لا تنقذهن طائرة مجهزة للعلاج من رصاصات غادرة تودي بحياتهن وتنقلهن للعيش في بريطانيا؟ لماذا لا يقفن أمام العالم ليتحدثن عن شجاعتهن في مواجهة الأرهاب؟ 
لماذا لا يتحدث الغرب عن هؤلاء الفتيات اللاواتي بلا هوية ولا اسم ؟ لماذا لا يتحدث عن عشرات الأبرياء الذين يقتلون بدون ذنب كل يوم في طلعات الطائرات الامريكية بدون طيار ؟ لماذا لا يري الغرب وجوه هؤلاء ؟ وما الذي فعله لمساعدة الحكومة الباكستانية لاستئصال شأفة الأرهاب بالتنمية البشرية والاستثمار الايجابي في الاقتصاد وليس في صفقات السلاح. 
نموذج "مالالا" يذكرني بنموذج الشابة اليمنية "توكل كرمان" التي اختيرت كي تنال جائزة نوبل للسلام العام الماضي. "توكل كرمان" خرجت في مظاهرات مثل عشرات بل مئات اليمنيات مجهولات الهوية وراء نقاب يطالبن بالعدالة والحرية. واثبتت بالفعل شجاعة نادرة في الوقوف أمام الظلم والديكتاتورية والفساد وضربت مثالا رائعا للفتيات اليمنيات اللاواتي يتحلين بشجاعة ورباطة جأش وجمال الروح والاعتزاز بالنفس حتي وإن كن يرتدين نقاب أوحجاب. 
ولا أخفيكم سرا أنني استبشرت خيرا بأن العالم التفت أخيرا لبلد اسمه اليمن تمزقه الصراعات القبلية والحروب الخفية للجماعات المسلحة والصراع بين السنة والشيعة في الجنوب ناهيك عن المشكلات المجتمعية الجمة التي يعاني منها هذا البلد الذي يرزح تحت وطأة الفقر والقهر والمرض وغياب الحريات. 
كنت انتظر من "توكل كرمان" التي التقيتها منذ سنوات في اليمن وهي صحفية شابة ثائرة-  أن تشمر عن ساعديها وتمد يديها التي اكتسبت قوة وصلابة باختيارها لنيل جائزة عالمية مرموقة فاصبحت مسموعة الكلمة في المحافل الدولية. كنت انتظر منها أن تتحدث عن معاناة المرأة اليمنية التي تحرم من التعليم في سن صغيرة وتجبر علي الزواج غير متكافئ فيما يعرف بظاهرة عرائس الموت. كنت اتمني أن تخوض حربا لتغير القوانين اليمنية لرفع سن الزواج. كنت انتظر منها أن تتحدث عن معدلات الوفيات للمرأة عند الولادة وهي الاعلي علي مستوي العالم بأسره. كنت انتظر أن تخوض توكل كرمان معركة "القات" الذي ينهب قوت الأسرة اليمنية. وقضايا كثيرة لابد وأنها تعرفها حق المعرفة وهي التي كانت تعمل في مهنة الصحافة ولابد أنها عايشت ذلك سنوات عمرها اكثر بكثير من صحفية مثلي زارت البلد مرتين فحسب. 
لكنها عوضا عن ذلك خاضت وتخوض كل يوم "حربا تويترية" دفاعا عن الاخوان وعن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وتهاجم عشية وضحاها الجيش المصري والفريق عبد الفتاح السيسي. والحقيقة أنني لا انكر علي أحد أن يتحدث في شؤون أي دولة أخري بما يشاء وأن يناصر ويساند أي طرف ويوجه انتقادات لمن يرغب ولكنني في الوقت نفسه لا أفهم كيف يتجاهل نفس الشخص قضايا بلده ومعاناة أبناء بلده. 
كنت اتمني بدلا من أن يجعل الغرب من "مالالا" رمزا أن يستثمر في قطاع التعليم للفتيات كنت اتمني من "مالالا" أن تعود الي وادي سوات كشهيدة حية تمشي علي قدمين وتطالب بلدها وحكومتها بافتتاح مدرسة بل سلسلة مدارس باسمها. كنت اتمني أن تشن "توكل كرمان" حملة لتغير القوانين المجحفة بحق المرأة اليمنية وتحاول أن ترفع الظلم عن بنات جلدتها بدلا من الدخول في معترك استقطاب سياسي في بلد أخر لن ينتهي في المنظور القريب.
أنا لا احب أن العب دور "عواجيز الفرح" الذي يحلو لهن أفساد أي بهجة. وسعادتي بوجود نماذج من قبيل مالالا وتوكل على الساحة الدولية كبيرة ولكن السؤال ماذا بعد ؟ ماذا بعد اغلفة المجلات العالمية وكتب السيرة الذاتية؟ ماذا بعد جائزة نوبل ودرجة الماجيستير الفخرية؟ هل سيتذكر العالم الغربي أن هناك نساء سوي توكل وفتيات غير مالالا ؟ أم إنه كتب علي هؤلاء النسوة أن يعانين في صمت ويقضين نحبهن في الظلام ويدفن في مقابر بلا شاهد ؟