Translate

السبت، 21 سبتمبر 2013

روان وأخواتها



الاسم : روان ...
الجنس : أنثي ..
 السن: ثماني سنوات
الجنسية:  يمنية
الحالة الاجتماعية: زوجة.. 
الجسد جثة هامدة نتيجة تمزق في الاعضاء التناسلية في ليلة الزفاف  أفضي الي الموت ..
أعرف "روان" ..أعرفها جيدا ... يمكنني أن اغمض عيني وأتخيل كل تفاصيل حياتها في بلدتها الصغيرة النائية .. كل التفاصيل بالألم بالفرح بالدموع بالضحكات بالخجل البرئ الغاطس في ثوب أسود يلتف حول ساقيها الصغيرتين وغطاء الرأس الأبيض الباهت اللون الذي يداري خصلات شعرها الأسود..
لا احتاج للكثير من البحث والتدقيق في جوجل وشبكة الانترنت لأعرف أين ولدت روان ومن هو أبوها ومن هي أمها ومن هم أخواتها فالحكاية تتكرر بشكل مفزع مثل أشباح الموت التي تطل في الليالي الباردة .  
هذا ليس مطلع رواية ولا مرثية لبراءة روان التي انتهكت علي فراش "زفاف" مشؤوم.
لكن روان شئنا أم أبينا  أصبحت اليوم مجرد رقم .. ضحية جديدة من ضحايا زواج الأطفال التي تقول أرقام الامم المتحدة أنه يغتال براءة 14 في المائة من الفتيات اليمنيات اللولتي يتزوجن قبل سن الخامسة عشرة و52 في المائة اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة عاما. قبل أن ينضجن جسديا وعقليا ونفسيا وعاطفيا.. والمشكلة أن ذلك يستتبع حرمان هؤلاء الفتيات من التعليم وفرص الترقي الاجتماعي. لكن هذه ليست كل الحكاية ...    
لن يقرأ أبو روان هذه الكلمات فهو لا يفقه من الحروف سوي اسمه الذي وقع به عقد زواجها ولا يعرف من الأرقام سوي من يعينه علي عد حفنة الدولارات الزهيدة التي باعها بها لرجل يكبرها بعقود. يمكنني أن أجلس هنا وأكتب عنه ما أشاء .. انعته بالنعوت واصفه بما أريد من التجرد من الأبوة من عدم الانسانية من أنه باع لحمه ودمه. لكنني بالتأكيد لن اعرف كثيرا عن معاناته وهو يقف صفر اليدين أمام عشرات الأفواه التي تطالبه بالطعام والمصروفات كل صباح. 
أنا لا أسوق الأعذار له ولمن مثله من الآباء  لكن الجهل يمكن أن يقتل.. يقتل بالمعني الحرفي للكلمة وعندما يكون أكثر من نصف الشعب اليمني تحت خط الفقر لا يمكن أن تلوم الفقراء علي فقرهم. وعندما يكون اكثر من سبعة وثلاثين في المائة من اليمنيين لا يفقهون أبسط قواعد الكتابة والقراءة لا يمكن أن تعول عليهم في فهم أن زواج طفلة في عمر "روان" سيقتلها فجسد طفلة في هذا العمر الغض لا يمكن أن يتحمل معاشرة زوجية فتموت الطفلة في ليلة الزفاف بتمزق بشع في اعضائها التناسلية ومن يسعدها الحظ في الإفلات من جحيم الليلة الاولي ستعاني حتما من النزيف حاد في الليالي التالية ومن تفلت من كل ذلك وتحمل طفلا ستموت وهي تلد ولهذا السبب تعد نسبة وفيات الامهات عند الولادة في اليمن من أعلي المعدلات ليس فقط في العالم العربي ولكن في العالم كله . وتشير آخر الإحصائيات الي أن 365 أم يمنية من بين كل مائة الف تنتهي حياتهن وهن يلدن . ولهذا العدد الكبير من الضحايا تفسير فالعرف - وليس القانون - في المستشفيات اليمينية مثلا لا يسمح باستقبال النساء الا اذا كن بمعية أي ذكر زوج أب أخ أو حتي ابنها الصغير . وهذا العرف ساري الي يومنا هذا ويعني أن المرأة يمكن أن تنزف حتي الموت قبل أن يسمح لها بمجرد الدخول من باب  المستشفي.  
وهناك أسباب آخري كثيرة ومنها حرمان الفتاة من التعليم بسبب تقاليد بالية لا تعول كثيرا علي تعليم البنت وتري مستقبلها في الزواج  وهناك ظروف منطقية احيانا مثل بعد المدرسة بمسافة كبيرة جدا عن البيوت أو وجود مدارس البنات مثلا في وسط الاسواق المزدحمة وبدون أسوار أوعدم توافر المعلمة الأنثي فيرفض الاب أن تتعلم البنت علي يد مدرس ذكر واحيانا يكون مجرد عدم وجود دورات مياه للفتيات سببا يجعل الاسرة تتراجع يوما عن يوم عن تعليم البنت وتفضيل مستقبل الزواج لها لتصبح أما جاهلة بدورها عاجزة عن حماية ابنتها من مصير مظلم كما كان مصيرها هي مظلما.  
والمجتمع اليمني يشجع بل ويبارك زواج الصغيرات حتي أن الفلكلور الشعبي يتحدث أن مزايا الزواج بالصغيرة . ناهيك عما هو سائد في كثير من المجتمعات العربية التي  تعتبر أن نضوج البنت فيسولوجيا هو مؤشر علي أنها "جاهزة" للزواج وهو خطأ فادح وجريمة كبري. فالبلوغ الفسيولوجي للفتاة لا يعني أبدا أنها ناضجة بما يكفي لتحمل المعاشرة الزوجية والحمل والولادة في سن صغيرة وأحيل الكلام هنا الي العلامة البروفيسور خالد خالد أستاذ أمراض النساء والولادة في جامعة كولشيستر البريطانية والذي ربطتني به علي مدي سنوات علاقة عمل وصداقة عائلية. والذي يؤكد في كل حديث اجريته معه عن هذه القضية أن البنت في مرحلة البلوغ تكابد الكثير من التغيرات الفسيولوجية التي لا تعرف حتي عنها الكثير وتعاني من عدم انتظام الدورة الشهرية ونقص في الكثير من المواد الاساسية لنمو جسم سليم. كما أن الحالة النفسية المصاحبة لمرحلة البلوغ الفسيولوجي تكون متقلبة بشكل كبير وتفاجأ البنت بأن كل من حولها يدفعها الي الزواج ومعاشرة رجل يكبرها بعشرات السنين.
دائرة جهنمية تجد الفتاة اليمنية نفسها تدور في فلكها وتدور بلا نهاية والكارثة أنه بمجرد وقوع أحدي هذه الحوادث يتم التستر فورا عليها فتجد العريس يفر هاربا خوفا من العقاب وأهل العريس يحاولون التخلص من جثة العروس الطفلة وأهل العروس يحاولون التستر علي الجريمة كي يهربوا من المسؤولية. لذا لم اتفاجئ أبدا بمحاولة أحد المسؤولين اليمنيين التستر علي جريمة قتل روان بالادعاء أنها علي قيد الحياة ولم تتزوج. أصلا. ولم أعبأ كثيراً بالتحقق من كون هذا الكلام صحيحا أم لا. فروان مجرد اسم ورمز وحالة حدثت أمس  وتحدث اليوم وستحدث غداً  ما لم يستيقظ أصحاب الضمير في اليمن ويوافقوا علي تغليظ العقوبات علي زواج القاصرات علي الاب وعلي العريس ورفع سن الزواج وجعل التعليم إجباري حتي سن الخامسة عشرة عل الاقل حتي لا تتكرر مأساة روان ويعود اليمن كما علمونا في الكتب يمنا سعيدا بجيل مستقبل اقل قتامة من الحاضر. 

هناك تعليقان (2):

  1. للأسف المجتمعات العربيه تحكمها أعراف قاتله لا تأبا بحياه الأنسان ولا كرامته ولا أداميته كونه بشر مخلوق يستحق العيش بحريه وانطلاق دون قيود تحطم أحلامه وأمانيه تحت مسميات ( عادات وتقاليد وعرف) تكون بمثابهحكم شامل النفاذ لا يوجد فيه استئناف أو مراجعه أو رحمه لهذه الأنسان المسكين كأنه حيوان يساق الى المذبح دون علمه زواج القاصرات دون بلوغ سن الزواج وحتى عدم بلوغ البنت بلوغ عقلى وجسدى يعتبر انتهاك لأدميتها وهذا مخالف لكل المواثيق والأعراف الدوليه لحقوق الأنسان فى كل بقاع الأرض التى تنص على حريه البنت فى أختيار الزوج وميعاد زواجها دون ضغوط من أحد قريب أم بعيد .. للأسف تحولت هذه الظاهره الى كارثه تلتهم بنات العرب على مر السنين

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا جزيلا علي تعليقك يا سامي واتفق معاك في كل ما قلت.

      حذف