يعد الاستفتاء من أكثر الوسائل الرائجة في الوقت الراهن لاستجلاء رأي العامة بشكل ديمقراطي ومباشر.
وتستقطب الاستفتاءات اهتماما كبيرا من وسائل الأعلام العالمية في الآونة اخيرة نظرا لأن معظمها تتم علي انفصال مناطق وكتل سكانية عن البلد الأم . كما حدث مؤخراً في الاستفتاء علي انفصال إقليم كاتالونيا عن إسبانيا.
وتستقطب الاستفتاءات اهتماما كبيرا من وسائل الأعلام العالمية في الآونة اخيرة نظرا لأن معظمها تتم علي انفصال مناطق وكتل سكانية عن البلد الأم . كما حدث مؤخراً في الاستفتاء علي انفصال إقليم كاتالونيا عن إسبانيا.
غير أن الاستفتاء يبقي مجرد وسيلة لقراءة مؤشرات الرأي العام في الدول صاحبة الديمقراطيات العريقة مثل بريطانيا. حيث تحتفظ الحكومة في نهاية الأمر بحق أن تتخذ القرارات النهائية وفق ما يتراءى لها من المصلحة الوطنية وتقييم الأمور بمنظور عملي حسب معطيات الواقع وبالتشاور مع نواب البرلمان بعد مناقشات برلمانية وافية.
ماذا يعني هذا في الواقع العملي ؟ يعني أن الحكومة - وبالتشاور مع نواب البرلمان- قد تتخذ قرارا في نهاية المطاف بتجاهل نتائج استفتاء ما إذا ما رسخ لديها قناعة أن المصلحة العامة لا تحبذ ذلك. ويصبح ذلك لازما أيضا إذا كان الأقبال علي التصويت في الاستفتاء ضعيفا. وغالبا ما يتم تجاهل نتائج أي استفتاء إذا كانت نتيجة التصويت أكثر من النصف بقليل.
في مثل هذه الأوضاع علي الحكومة ( المشكلة من أكبر كتلة برلمانية تفوز في الانتخابات العامة ) عليها بالطبع أن تتحمل عواقب مثل هذا الأمر من غضب شعبي وبالتالي خسارة التأييد في البرلمان في الانتخابات التالية.
علي مدي سنوات طويلة قضيتها في أنجلترا سمعت عن الاستفتاءات ولم أشهدها. وبالأحرى شهدت واحدا فقط منه وهو الذي اجري العام الماضي لإجراء تعديل علي نظام انتخاب والذي صوت فيه الناخبون ب "لا" وكان ذلك علي الأرجح لأن النظام المقترح كان أكثر تعقيدا مما يستوعب الناخب. استفتاءا آخر كان محل تندر فقد كان سُئل سكان العاصمة البريطانية إن كانوا يفضلون أن يتولي عمدة لندن شؤون لندن فحسب أو لندن وضواحيها. هذا الاستفتاء كان من السخف بحيث لم يشارك فيه أكثر من أربعة وثلاثين في المئة من الناخبين الذين يحق لهم التصويت.
قلت انجلترا ولم أقل بريطانيا لان ويلز شهدت استفتاءا مهما علي الانفصال عن بريطانيا وكانت النتيجة ب "لا" وتستعد اسكتلنده لاستفتاء مماثل
كما أن أيرلندا الشمالية شهدت بدورها قبل سنوات استفتاءا تاريخيا أيضاً كانت نتيجته الموافقة علي اتفاقية السلام المعروفة باسم "غود فراي داي".
أكبر استفتاء يحتل جدلا سياسيا واسعا في تاريخ بريطانيا هو الاستفتاء علي وضع بريطانيا في الإتحاد الأوروبي والبقاء في منطقة اليورو. تعهدت حكومة العمال منذ عام ألف وتسعمائة وسبعة وتسعين بإجراء مثل هذا الاستفتاء ولم يتم الي الآن. وذهبت حكومة العمال وجاءت الحكومة الائتلافية من حزب المحافظين وحزب الأحرار الديمقراطيين ومازال الاستفتاء حول وضع بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يراوح مكانه.
والمثير للاهتمام أن حزب المحافظين الذي كان يضغط علي الحكومة العمالية من أجل إقامة مثل هذا الاستفتاء عندما كان في صفوف المعارضة.. يقدم الآن رجلا ويؤخر الأخري في إقامة مثل هذا الاستفتاء. وآخر ما تفتق عنه ذهن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الآن هو أن الاستفتاء من أكثر الوسائل شفافية لقراءة الرأي العام في قضية بريطانيا والاتحاد الأوروبي لكنه لا يفضل الاستفتاء علي البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي لكن علي "وضعية" بريطانيا في الإتحاد الأوروبي.
يدرك رئيس وزراء بريطانيا وزعيم حزب المحافظين حاليا وهو في موقع المسؤولية أنه لا يمكن أن يغامر بوضع أمر جد خطير مثلبقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي أمام العامة. أولا لانه يخشي المجازفة بسؤال
الناس حول ذلك الأمر ولذلك حرّف القضية واسمها "وضعية" عوضا عن "بقاء". ثانيا لأن الأمر - في تصور
القائمين عليه من ساسة واقتصادييين - أعقد بكثير من أن يُسأل عنه عامة الناس مخافة أن يكون تقديرهم
متأثرا إما بالأعلام الذي -وإن اجتهد لوضع القضية في نصابها لن يكون منصفا خاصة وأن الناس تأثروا كثيرا بما يسمعون من كوارث مالية متتالية لحقت بالاتحاد الأوروبي خلال العامين الماضيين فتصوروا أن الأتحاد الأوروبي بيت تشتعل فيه النيران وعليهم أن يهربوا منها.
الناس حول ذلك الأمر ولذلك حرّف القضية واسمها "وضعية" عوضا عن "بقاء". ثانيا لأن الأمر - في تصور
القائمين عليه من ساسة واقتصادييين - أعقد بكثير من أن يُسأل عنه عامة الناس مخافة أن يكون تقديرهم
متأثرا إما بالأعلام الذي -وإن اجتهد لوضع القضية في نصابها لن يكون منصفا خاصة وأن الناس تأثروا كثيرا بما يسمعون من كوارث مالية متتالية لحقت بالاتحاد الأوروبي خلال العامين الماضيين فتصوروا أن الأتحاد الأوروبي بيت تشتعل فيه النيران وعليهم أن يهربوا منها.
يمكن القول ببساطة إذا أن التجارب الديمقراطية تثبت أن الاستفتاء -وإن كان وسيلة ديمقراطية - الا أنه يبقي مجرد استقراء لاتجاهات العامة من الناس قد تصيب وقد يجانبها الصواب فحذاري من ديكتاتورية الأغلبية.
اعذرينى سيدتى، لدى تعليق أرجو أن يكون فى محله من تفكيرك...
ردحذفما قدمته من كتابة هو أمر مداعب لعقول المتفكرين، إذ أشعرنى أن هذا الجيل يتمتع بخصال جميلة تؤدى به إلى الفكر وتدفعه دفعاً إلى التأمل فمن ثم إعادة النظر فى جل الأمور ولبها.
مصر شعبها لا يبحث عن ما تقدمتى به، فى مناقشاتى مع الكثير من العامة من كلا المؤيدين والمعارضين لا أجد غير النظر فى أمور تتعلق بالدين والاستقرار وكسب الأموال، لا يدور نقاش بين داع إلى قبول أو رفض إلى أى سوى النقاط الثلاثة اللائى تقدمنا بهم.
ما يميز المجتمع البريطانى عن المصرى مهول، كذلك الثقافة وطرق البحث وطريقة التفكير فبالتالى تختلف نظرة المجتمع إلى الأمور المستفتى عليها، كالمثل الذى ضربته إذ لم يذهب إلى الاستفتاء غير 34% ممن يحق لهم الاستفتاء، لكن ما كا رد فعل الحكومة؟ بالتأكيد سيختلف رد فعل حكومتنا حيال هذا الأمر.
فى رأيى أننا نمر بالمرحلة التى سبقت توقيت انفصال الكنيسة عن أمور العاملة السياسية والاجتماعية فى بريطانيا، فلم تعد الكنيسة ذات رأى قاطع أو مسموع أو طاعته واجبة لدى الإنجليز، واستحالت إلى مؤسسة رمزية تحتل أماكنها فى الأعراف القانوينة والرسمية ولا مكان لها فى أرض الواقع ولا تأثير لها فى الأنفس.
المواطن المصرى لا يجد قوت يومه، فلا مندوحة له غير إدارة وجهه بعيدا عن كل ما يدعوه إلى التفكير، كما أن الثقافة قد انمحت ولا وقت لها فى حياة كثيرين، والقائمون السابقون أو الحاليون على السلطة يدركون ذلك جيدا، وما يقلقهم غير أن مآكل الناس ومشاربها قد صارت أكثر صعوبة، فهذا بالطبع يؤثر على ميول الناس لذلك التيار أو غيره.
للأسف لن يقرأ مقالك غير القارئين الباحثين، ولن يصل إلى من ينبغى لهم قرائته لكى يعقلوا ما يجرى من حولهم؛ لا أملك سوى حثك والتماس الاستمرار منك، إذ أمثالك هم الأمل المتبقى لتقدم هذا البلد؛ وشكرا سيدتى.
أشكرك شكرًا جزيلا يا محمد.
ردحذفانا رديت علي الميل لان كان فيه مشكلة ف تحرير الردود ع المدونة
أهلا بك