لا تجد رأسها اي راحة علي اي وضع. لا علي جانبي خديها الذي تسلمه للحشية التي قسا قلبها القطني فاصبح كالحجر ولا لرأسها الذي تطن في جنباته أزيز المروحة القديمة التي لا تطفق رئتيها سوي هواء يشبه فحيح الأفاعي.
تنظر للشباك المغلق وتعاود النظر الي الدولاب. طاقة الشباك ارتفعت في السقف فشعرت كأنها سجينة الغرفة. الباب المغلق يكرس لعزلة قلبها في البيت.
تحاول عبثا أن تغفو قليلا. استيقظت علي جلبة المنزل باكرا وترديدات محفوظة يلفظها أصحابها في وجهها كما يبصقون ... لا حياة ... لا مبالاة. تعلقت صغيرتها برقبتها تمنحها بعض الأمان اللحظي. تستمر الجلبة تكتم علي أنفاسها بعد قليل صمتٌ كصمت القبور ....
لاذت كنتها بالغرفة الاثيرة في البيت المهدم ...استحوذت عليها وأعلنتها ملكية خاصة لبعض ايام .. لا مجال للصراعات الأنثوية هنا .. كانت الغرفة دائماً لها باعتبارها المفضلة لكنها تدرك أنها لم تعد كذلك ...٠بالتأكيد لم تعد كذلك.
استسلمت لوضعها الجديد غير آبهة. لم يعد لديها بعد كل هذه السنوات رغبة في أن تترك انطباعا روادتها رغبة قوية أن تغرق في طي النسيان...
لكن بئر الذاكرة ينفتح علي مصراعيه ... ضفائرها المقعوصة بعناية بالشرائط الحمراء الجديدة والثوب الذي سهرت امها حتي الفجر كي تضع اللمسات الاخيرة عليه يقف امام عينيها في فجور معلقا علي باب الدولاب ... أعتصرتها حسرة علي غياب صاحبة الخاتم الوردي